و في الليلة الظلماء يُفتقد البدر
اشتكى لي أحد عملائي يوماً ما من تدخل الواسطة في الشركة التي يعمل بها حيث أنّه خبير و متفاني في عمله وفي أحد الأيام فرضوا عليه شخصاً آخر ويزعمون بأن لديه شهادات و خبرات في نفس المجال ولكن العمل الحقيقي يُثبت أنه لا يفقه شيئاً و هذا الأمر يجعله مضطراً لإنهاء العمل كاملاً لوحده وسيحصلان على نفس التقدير و نفس الراتب وهذا الوضع يُغيظه جداً و يجعله في حالة غضب مستمر.
فنصحته ببيت أبو فراس الحمداني :
سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم .. وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
وأرفقته بقصة جميلة رواها روبرت غرين عن فنّان إيطالي كان سيّد زمانه ويُعرف بــ فيليبو حيث وُجّهت إليه دعوة لتزيين و إصلاح القبة في كاتدرائية سانتا ماريا وكان سعيداً بذلك فقد كان الأمر بمثابة وسام على صدره ضمن مسيرته العظيمة
و لكن سُرعان ما تلاشت سعادته عندما وظف المسؤولون في مدينة فلورنسا فنّاناً آخر بالواسطة يُدعى جيبرتي و زعموا أنّ الفكرة من توظيفه هي لمساعدة فيليبو .
استمر فيليبو في العمل على القبة و الغيظ و الحنق يملآن قلبه فهو يعلم جيّداً أن جيبرتي سيحصل على تقدير لا يستحقه لقـــاء العمل و أنّ كل المسؤولية ستكون ملقاه على عاتق فيليبو وحده لذلك تظاهر بالمرض و اختار الراحة في منزله وطلب من جيبرتي إكمال العمل وكانت النتيجة أن المسؤولين انتبهوا إلى فشل جيبرتي حيث لم ينجز شيئاً بانتظار تعافي فيليبو فذهبوا إليه متوسلين أن يعود وهو يتظاهر بالمرض و يخبرهم بأن جيبرتي فنان رائع ويمكنه إكمال المهمة وأصبحوا يتناوبون في التوسل إليه حتى طردوا جيبرتي أخيراً و تعافى فيليبو فجأةً وعاد إلى العمل ..!
لقد أسقط عميلي هذه القصة على وضعه ولكن بدون أن يتظاهر بالمرض و تم نقل الموظف من قسمه وتوظيف شخص آخر بخبرةٍ حقيقية جعلت عميلي مستمتعاً بالعمل معه .
في الختام ، إن كنت مهتماً بما نطرحه هنا فلن تفوّت فرصة الانضمام إلى عضوية أبجد هوز أو الحصول على منتجاتنا الرقمية التي تغوص في تفاصيل الشخصية باستراتيجيات بسيطة يسهل تنفيذها و الالتزام بها .
كونوا بخير يا أصدقاء
مها قطنان