نملك الثقة بالنفس و نفقدها أحياناً..لمـــاذا؟
دعني أشارك معك فكرةً لطالما لامستني خلال السنوات السبع الماضية ، أثناء لقاءاتي مع أشخاص من ثقافات وأعمار و جنسيات ومهن مختلفة، لاحظت أمرًا في غاية الأهمية وهو أنّ الثقة بالنفس ليست مجرد أمرٍ يتعلق بالمظهر الخارجي أو اللباقة، بل هي مفتاح سحري يفتح الأبواب على مصراعيها للفرص سواءً على صعيد العمل أو العلاقات الشخصية والعاطفية.
وما أثار دهشتي أكثر هو مدى تقلّب الثقة بالنفس. فهي ليست ثابتة بل تتغير وفقًا للظروف والمواقف وحتى الأشخاص الذين نتعامل معهم. فأحيانًا نشعر أننا نملكها بقـــوة، وأحيانًا أُخرى نشعر وكأنها تختفي تمامًا دون أي سبب واضح.
أتذكر جيدًا في العشرينات من عمري... في تلك الفترة بالذات كنت أُعاني من خوفٍ كبير يمنعني من التحدث أمام أكثر من شخصين. كلماتي كانت تتبعثر وأفكاري تسبقني لتتوه بين الحاضرين. كنت أشعر حينها بالعجز وألوم نفسي بشدة، وكأنني محاصرة داخل دائرة من القلق والرهبة.
لكن نقطة التحول جاءت ببساطةٍ شديدة بفضل من الله، حيث كنت في إحدى زياراتي لمكتبة ابن رشد في الرياض واشتريتُ كتابًا مليئًا بالقصص المترجمة. لم يكن الكتاب يتحدث عن الثقة بالنفس، لكنه حمل قصصًا ألهمتني بشكل غير متوقع. بدأت أقرأ كل قصة وأحاول إسقاطها على حياتي، وأتساءل: "ماذا لو كنت مكانهم؟ كيف سأتصرف؟". تلك اللحظات الصغيرة التي قضيتها بين دفتي الكتاب كانت كفيلة بأن تزرع داخلي بذور التغيير.
ومع مرور الوقت، بدأت ألاحظ تغييرًا حقيقيًا في نفسي. تدريجيًا، و تمكنت من التحدث أمام الآخرين بثقة أكبر. لم يكن الأمر سهلاً في البداية، لكنه أصبح طبيعيًا مع المحاولة والمثابرة. حتى أنني وجدت نفسي قادرةً على التحدث في أي محفل، و دون إعدادٍ مسبق.
الأمر الأجمل أنني وجدت الفرص تفتح لي أبوابها بشكل لم أتوقعه، وتم ترشيحي للعمل مع واحدة من كبرى الشركات العالمية في مجال التدريب وهي شركة بيرسون الأمريكية كمدربٍ خبير ، وما زلت حتى الآن أتساءل كيف وصل اسمي إليهم!
ما أردت مشاركته هنا هو أن الثقة بالنفس ليست أمرًا مستحيلاً أو حكرًا على فئةٍ دون أُخرى. فـجميعنا نبدأ من نقطة معينة، وكل واحدٍ منا يواجه تحدياته وصراعاته. لكن ما يهم حقًا هو أن نبدأ بخطوات بسيطة، مهما كانت صغيرة. قد تكون تلك الخطوة قراءة كتاب، أو مواجهة خوف بسيط، أو حتى مجرد التفكير بشكل مختلف.
المهم هو أن نبدأ. فالخطوات الصغيرة اليوم هي التي تصنع الفرق الحقيقي غدًا. وكل تغيير، مهما بدا بسيطًا، له القدرة على تغيير حياتنا بالكامل.
كونوا بخير يا أصدقاء
مها قطنان